zain
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 28/12/2011 العمر : 32 الموقع : www.startimes.com
| موضوع: تفسير سورة الزلزلة . الجمعة 13 يناير 2012, 4:03 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فريق الإصلاح
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
تفسير سورة الزلزلة د. أمين بن عبدالله الشقاوي بسم الله الرحمن الرحيم
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
[الزلزلة: 1 - 8].
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنْهُما - قال: أتى رجُلٌ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: أَقرِئْني يا رسول الله، قال له: ((اقْرأ ثلاثًا من ذات ﴿ الر ﴾))، فقال الرَّجل: كبِرتْ سنِّي، واشتدَّ قلْبي، وغلظ لساني، قال: ((فاقرأ من ذات ﴿ حم ﴾))، فقال مثل مقالته الأولى، فقال: ((اقرأ ثلاثًا من المسبّحات))، فقال مثلَ مقالتِه، فقال الرَّجُل: ولكن أقْرِئْني يا رسول الله سورةً جامعة، فأقرأه: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ﴾، حتَّى إذا فرغ منها، قال الرَّجُل: والَّذي بعثَك بالحقِّ، لا أزيد عليها أبدًا، ثمَّ أدْبَر الرَّجُل، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أفلح الرُّوَيجل، أفلح الرُّويجل)).
قوله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾، قال ابن عباس: أي تحرَّكتْ من أسفلها.
قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾، يعني: ألْقتْ ما فيها من الموتَى، قال غيرُ واحدٍ من السَّلف: وهذا كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]، وكقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ [الانشقاق: 3، 4].
روى مسلم في صحيحِه من حديث أبِي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((تقيء الأرضُ أفلاذ كبدها، أمثال الأسطوان من الذَّهب والفضَّة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلْتُ، ويَجيء القاطع فيقول: في هذا قَطعتُ رحِمي، ويجيء السَّارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثمَّ يدَعونه فلا يأخذون منْه شيئًا)).
قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الْإنْسَانُ مَا لَهَا ﴾؛ أي: استنكر أمْرَها بعدما كانتْ ساكنة ثابتة، وهو مستقرٌّ على ظهرها؛ أي: تقلَّبت الحال، وصارتْ متحرِّكة مُضطربة، قد جاءَها من أمر الله تعالى ما قد أعدَّه لها من الزلزال الَّذي لا محيدَ لها عنه، ثمَّ ألْقت ما فيها من الأموات من الأوَّلين والآخرين، وحينئذٍ استنكر النَّاس أمرها؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48].
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾؛ أي: تحدِّث بما عمل العامِلون على ظهْرِها.
قوله تعالى: ﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾، قال ابن عبَّاس: "أوحى لها؛ أي: أوحى إليْها"، قال ابنُ كثير: "والظَّاهر أن هذا مُضَمَّن بمعنى أذن لها".
وقال ابن عبَّاس: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، قال: قال ربُّها: قولي؛ أي: تكلَّمي بما حصل عليك من خير أو شر.
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ﴾؛ أي: يخرجون إلى موقِف الحساب أشتاتًا؛ أي: أنواعًا وأصنافًا ما بين شقيّ وسعيد، قال تعالى: ﴿ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾؛ أي: ليُجازوا بما عمِلوا في الدّنيا من خيرٍ أو شرٍّ؛ ولهذا قال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾.
روى البُخاري ومسلم في صحيحَيْهما من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((الخيل لثلاثةٍ: لرجُلٍ أجْرٌ، ولرجُل ستر، وعلى رجُل وزر))، ثمَّ سُئِل في آخِر الحديث عن الحمر، قال: ((ما أنزل الله عليَّ فيها إلاَّ هذه الآية الفاذَّة الجامعة: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾)).
والذَّرَّة هي أصغر النَّمل، فالنَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بيَّن في هذا الحديث أنَّ هذه السورة جامعة ومبيِّنة للخير والشَّرّ، فمن عمل خيرًا أراد به وجه الله، أُثيب عليْه، ومن عمل شرًّا عوقب عليه يوم القيامة، وفي الصحيحَين من حديث عديّ مرفوعًا: ((اتَّقوا النَّار ولو بشقّ تَمرة، فمَن لم يجد فبكلمة طيبة)).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث صعْصعة بن معاوية أنَّه أتى النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقرأ عليه: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، قال: "حسبي، لا أبالي ألا أسمع غيرها" .
ومن فوائد السّورة الكريمة:
أوَّلاً: أنَّ الأرض تُخبر يوم القيامة بما فعل النَّاس عليها؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخُدْري - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا يسمع صوتَ المؤذّن جنٌّ ولا إنس ولا شيء إلاَّ شهِد له يوم القيامة)).
ثانيًا: أنَّ النَّاس يوم القيامة يصدرون أشتاتًا؛ أي: جماعات متفَرِّقين بحسب أعمالهم، كلٌّ يتَّجه إلى مأواه؛ فأهل الجنَّة - جعلنا الله منهم - يتَّجهون إليها، وأهل النَّار - والعياذ بالله - يُساقون إليها؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴾ [مريم: 85، 86].
ثالثًا: أنَّ الله - تعالى - يُري العبادَ أعمالَهم يوم القيامة، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرّ، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ [آل عمران: 30]، وفي الحديث القدسي الَّذي رواه مسلم في صحيحِه من حديث أبي ذرّ - رضِي الله عنْه - عن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فيما يرويه عن ربّه - عزَّ وجلَّ - أنَّه قال: ((يا عبادي، إنَّما هي أعمالكم أُحْصيها لكم، ثمَّ أوفِّيكم إيَّاها، فمَن وجد خيرًا، فليحْمَد الله، ومَن وجد غير ذلك، فلا يلومنَّ إلاَّ نفسَه)) .
رابعًا: أنَّ فيها الحثَّ على الأعمال الصَّالحة ولو كانتْ قليلة، والبعد عن المعاصي وإن كانت صغيرة، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة - رضي الله عنْها - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((يا عائشة، إيَّاك ومحقَّرات الذنوب، فإنَّ لها من الله - عزَّ وجلَّ - طالبًا)) .
وكذلك الخير لا يحقر المسلم منه شيئًا، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذرّ - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجْه طلق)).
قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40]، وكانت عائشة - رضِي الله عنها - تتصدَّق بعِنَبة، وتقول: كم فيها من مثْقال ذرة ؟!
المصدر :
شبكة الألوكة
والحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحْبِه أجمعين. | |
|